القانون الدولي العام

ما زال تعريف القانون الدولي يثير صعوبة لدى محاولة وضع تعريف جامع مانع له، رغم وجود ما يزيد على المائة تعريف لهذا القانون، ولذلك فإننا سوف نتناول الاتجاهات الفقهية المختلفة في تعريفه، وهي ثلاث اتجاهات فقط.

المذهب التقليدي:

يرى أنصار هذا المذهب أن الدولة هي الشخص الدولي الوحيد، حيث كان المعتاد والمتعارف عليه في الفقه التقليدي أن القانون الدولي هو “مجموعة القواعد القانونية التي تنظم العلاقات بين الدول”.

فقد عرَّفه الفقيه الهولندي جروسيوس بأنه “القانون الذي يحكم العلاقات بين الدول”، كما عرَّفه الففقيه الفرنسي لويس رينو بأنه “القواعد القانونية التي توفق بين حريات الدول في علاقاتها بعضها مع البعض الاخر”.

أما الفقهاء الروس فقد ذهبوا إلى أن القانون الدولي هو “مجموعة القواعد القانونية التي تنشأ باتفاق الدول تعبيرا عن الإرادة المشتركة لتحكم علاقاتها خلال النضال والتعاون من أجل صيانة التعايش السلمي بين النظامين الرأسمالي والاشتراكي، والذي ينبغي ممارسة الضغط والإلزام من قبل الدول بشكل فردي أو جماعي لضمان بقاء هذه القواعد”.

لكن تلك القواعد لم تأخذ في الاعتبار التطور الحاصل في المجتمع الدولي في الوقت الحاضر، فالمجتمع الدولي لم يعد يتكون من الدول فقط، بل أصبح يضم أيضا العديد من المنظمات واللجان والفاتيكان وغيرها من الأشخاص الدولية.

المذهب الموضوعي:

يرى أنصار هذا المذهب أن الفرد هو شخص القانون الدولي الوحيد، وليس الدولة، فنجد أن الفقيه الفرنسي ليون ديجي ينكر الشخصية المعنوية للدولة، ويرى أنها مجرد افتراض لا قيمة له، كما ينكر جورج سل تمتع الدول بالشخصية المعنوية، وأنها في نظره مجرد افتراض ليس له وجود في الحقيقة، ويرى أن الفرد وحده هو الذي يمكن أن يكون من أشخاص القانون الدولي.

إلا أن هذا المذهب يغالي كثيرا في إنكاره الشخصية القانونية للدولة، وهو ما يخالف حقيقة الأوضاع في المجتمع الدولي، حيث تعتبر الدولة من الأشخاص الرئيسة فيه.

الاتجاهات الفقهية الحديثة:

يذهب غالبية الفقهاء في الوقت الحاضر إلى أن الدولة ليست هي الشخص الوحيد، بل الشخص الرئيسي للقانون الدولي العام، وقد انقسموا إلى ثلاث فئات، الأولى منهم تعتبر أن الدولة هي الشخص الرئيس للقانون الدولي، بينما تذهب الفئة الثانية إلى استبعاد الفرد بصورة صريحة من أن يكون من أشخاص القانون الدولي العام، أما الثالثة فهي تفسح للفرد مجالا ضيقا إلى جانب الدولة والمنظمات الدولية.

 ويتضح من المذاهب والاتجاهات الفقهية السابقة أن التعريف الأنسب والذي يعد تعريفا جامعا مانعا للقانون الدولي العام، هو ذلك التعريف الذي ينص على أن القانون الدولي العام عبارة عن مجموعة القواعد القانونية الملزمة، التي تنظم العلاقات المتبادلة بين أشخاصه.

التحميل

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *